خصخصة المناطق
يقول علي الوردي: “إن مجتمعنا يخلق أسباب الفقر والعاهة من جهة، ثم يحتقر المصابين بهما من الجهة الأخرى،وبذا ينمي فيهم عقدا نفسية لا خلاص منها”، وهذا ما تفعله بالضبط وزارة الكهرباء من خلال مشروع الخصخصة، لكونها شرعت بالعمل في المناطق المترفة وتركت الاحياء الفقيرة تحت جور الانقطاع المستمر للكهرباء، فالمنصور واليرموك ومنطقة زيونة ينعمون بالكهرباء بمعدل 24 ساعة باليوم ، فيما نحن الاحياء الفقيرة كمدينة الصدر والشعب والعبيدي والخ من الاحياء التي ابتلاها البشر وليس الله بانواع الازمات، لا يستطيع اولادنا دخول الحمام للاستحمام، سوى مرة بالاسبوع لان السخان لا يمكنه غلي الماء بسبب الانقطاعات المستمرة للكهرباء الوطنية، فتضطر العوائل لغلي الماء على الطباخات الغازية والعودة بنا الى زمن (الكتليات)!، نعم نحن مع الخصخصة، لكن ان تعم الجميع، وليس شمول الاحياء المترفة وترك الفقراء تحت رحمة اصحاب المولدات وجشعهم، مع الخصخصة لكونها تمنع هدر المال بعد ان عجزت السلطة الرقابية سابقا عن ملاحقة المفسدين في هذه الوزارة التي انفقت مليارات الدولارات من المال العام، ناهيك عن الهبات الدولية التي لا نعرف بها من دون ان تستطيع ان توفر الكهرباء للمواطن، وهنا تستوقفني تصريحات اعلامية سابقة للنائبة سوزان السعد تقول فيها: “ان وزارة الكهرباء صرفت اموالا هائلة تكفي لشراء اصول شركة جنرال الكتريك بكل فروعها وخطوطها الانتاجية، وتغطي تكاليف نقلها الى بادية السماوة، او الى اهوار العمارة لكي تباشر من هناك بانشاء محطات جديدة للطاقة في كل مدينة عراقية”، مبينة ” ان المتبقي من المبلغ يكفي لشراء شركتي سيمنز الكترونك وميتسوبيشي باور” ، ومن هنا يمكن قياس حجم الكارثة. نعم اكررها مرة اخرى نحن مع الخصخصة للكهرباء وليس للمناطق كما تفعل وزارة الكهرباء بالوقت الحالي، لكون انقطاعها عن المناطق الفقيرة يجعل المواطن يجزم بان السبب هو اعطاء الكهرباء المخصصة له للمناطق المشمولة بالخصخصة وحرمان بقية الاحياء منها، خصخصة المناطق التي فعلتها وزارة الكهرباء، تذكرني بالحكاية التالية: ” أثناء مرور رجل طيب في الشارع، رأى رجلاً فقيراً ينام على الأرض ويمسك بطنه وهو يتألم ، وتقدم منه الرجل الطيب، وسأله عن سر ألمه، فعرف أن الرجل جائع ولم يأكل شيئاً منذ يومين، فأعطاه ما يشتري به طعاماً ، ثم مضى في حال سبيله ، وكان على موعد لزيارة أحد أصدقائه الأغنياء ، وكم كانت الدهشة كبيرة عندما وجد صديقه مريضاً ورآه يمسك ببطنه متألماً والاطباء حوله ، وقد عرف من الأطباء أنه مصاب بالتخمة، فما أعجب الإنسان! لو إن الغني تصدق بما يفيض عن حاجته للفقير لما تألم الفقير من الجوع ، وما تألم الغني من التخمة. فيا وزارتنا الكهربائية لا تتخمي بيوت الاغنياء بالكهرباء وتفقريها على بيوت المساكين من امثالي.
اترك تعليقاً