ماذا يريد هذا اللكاش ؟
حتى قبل حلول شباط، الموسم الاشهر للنقيق، بدأنا نسمع الاصوات تتعالى يمينًا وشمالًا، وبدأت موجات اثبات الذات تترى، وبدأنا نشهد الفقاعات تطفو بحجم كبير على السطح، في محاولة لاثبات ان هناك من ينفخ هذه الرغوة ليتطاير منها هذا الزبد.
واذا ما عرفنا ان تقافز الكناغر في المشهد السياسي العراقي، اصبح مألوفًا، فاننا لا نعرف تفسيرًا منطقيًا لعملية تحول الكثير من النكرات السياسية مع حلول الموسم الانتخابي الى السن طويلة تهاجم حقًا وباطلًا.
بالأمس اطل علينا نائب عن كتلة الحكمة يدعى محمد لكاش، مهاجمًا وزير الداخلية قاسم الاعرجي، متهمًا اياه بالانشغال بالدعاية الانتخابية، وترك مهامه، ولسنا بمورد الدفاع عن الاعرجي الذي غير ولا يزال يغير الصورة النمطية السيئة عن رجل الامن، ومسؤول ملفات وزارة هي لعمري من اعقد واصعب وزارات الدولة العراقية، حيث لا يزال الرجل يثبت كفاءةً مشهودة في اداء مهامه الكبيرة بنجاح وتفوق، الامر الذي ازعج هذا ” اللكاش”، ومن يقف ورائه، من الذين يعدون كل نجاح حكومي بمثابة دعاية انتخابية!
ويأمل لكاش وحكمته و( ربع ) السيد ان يثيروا الغبار الكثيف بالسنتهم، وايديهم ان استطلعوا، ليحجبوا عن الناس الرؤية، فيختلط السيء مع الجيد، والمتواضع مع المتكبر، والميداني مع المعزول في برجه العاجي، منشغلًا في بيع منشآت الدولة وتمثيل ادوار هزلية لكسب السذج.
ان هجوم اللكاش هذا على الوزير الاعرجي يكشف فيما يكشف حجم العقدة التي تمتلكها هذه القوى من اي نجاح حكومي غير مسبوق، وتعده تعديًا للخطوط الحمراء المزعجة التي يجب ان لا يتجاوزها نجاح، فهذه الكتلة ومثلها تفعل كتل اخرى، تضيق ذرعًا بالمقارنات الشعبية، وتعد اي تميز في العمل الحكومي هو ورطة لها، حيث ستجد نفسها في ميزان الحساب الشعبي، الذي سيكتشف حجم فسادها، وانحرافها، واخفاقها، الذي يصبغ المشهد بلون داكن يتبدل حسب التقلبات والانشقاقات الليلية.
ولنعد الى صاحبنا اللكاش – لا أطال الله لنا معه صحبة، ولا جمعنا به جامع – فهذا الرجل كان نائباً لدورتين لم يسمع بأسمه احد حتى ابناء محافظة الناصرية الذين يزعم انهم انتخبوه، فيما الحقيقة تقول غير ذلك، ونحن نعرف وهو يعرف ما نقصد، ولكن لنفترض ان اهالي الناصرية انتخبوه، فهل يعقل منك يا سيادة النائب ان تغلق بابك بوجه من اوصلك الى مقعد النيابة الذي كنت تحلم به منذ اول ايام عملك وقفزك بين مختلف الكتل الى ان وصلت الى ما انت عليه. فلماذا تحاول ان تبرر فشلك واخفاقك بمهاجمة غيرك، من قال لك ان المشهد يجب ان يتساوى، حتى لا تجد حرجًا في سؤال مباغت: اين انت يا سيادة النائب؟، فتجيب ان المطر متساوي على الجميع.
لا وانت تعرف وتيارك يعرف ان هذه المعادلة ظالمة، وان عين الشعب ترصد كل نجاح وتسجل كل اخفاق، فالاولى بك ان تبحث عن نجاحات تقدمها، لا ان تبحث عن اخفاقات او ما تزعمه اخفاقات فتلطخ الاخرين بلسان شديد النقد.
لقد اصدرت بياناً أمس بعد الإعتداء الإرهابي في ساحة الطيران، تتهم فيه وزير الداخلية بإهمال واجباته الوزارية، وتفرغه لحملته الإنتخابية !!
يا رجل ؟!
الا تخشى الله الذي يرى ويسمع كل شيء، الا تستحي من الذي نعتصم بعدالته، ونتمسك بولايته؟
عن أية حملة انتخابية تتحدث، والإنتخابات لم تقر، أو تتقرر حتى هذه اللحظة.. ثم من هي الكتلة، أو التحالف الذي سيشتغل عليه بدعايته الموجودة في عقلك المريض فقط، إذا كانت التحالفات والكتل تتشكل وتتهدم خلال دقائق وليس ساعات؟
كيف ترمي الرجل بهذه التهمة الخبيثة والخطيرة، فتستغل مشاعر الناس المجروحة بفعل المصاب الدموي، لتجعل ردود الفعل الغاضبة شديدة تجاه هذا الرجل، ممنياً نفسك الموهومة بفوز رخيص ستحققه في هذه الجولة اللا اخلاقية دون ان يردعك رادع، او يوقفك ضمير.
أنا لا أدعي الزور مثلك، وأقول ان وزارة الداخلية العراقية هي النموذج الأعلى اليوم بين الوزارات الأمنية في العالم، لكني استطيع القول أمام الله وأمام المجتمع، أن قاسم الأعرجي عمل الكثير لهذه الوزارة، رغم قصر الفترة التي استوزر فيها، وأجتهد بما لا يمكن انكار جهده الواضح، فنجح مع رفاقه واخوته، سواء العاملين معه في وزارة الداخلية، أو وزارة الدفاع، أو الأجهزة الأمنية الأخرى في جعل العراقيين ينامون دون ان تلاحقهم كوابيس التفجيرات الدامية التي كانت تضرب المدن العراقية بلا رحمة كل ساعة او ساعتين في اليوم حتى كدنا خلال الأسهر الماضية ان ننسى اصوات سيارات الإسعاف المشؤومة وهي تنقل اجساد الشهداء والجرحى من مواقع التفجير.
أنا هنا لا أدعي ان الفضل في كل ذلك يعود لقاسم الأعرجي ووزارته وحدهما، انما هي عملية عسكرية امنية سياسية شاملة، تحققت بفضل تكامل حلقات النصر من كل جانب.
لكن العدل والإنصاف يجبرشنا على ان نقول لكل من احسن : احسنت !
ولكل من انجز :بارك الله في انجازك!
وان نقول لمن أخطأ ايضا:
لقد أخطأت، فإصلح خطأك ياهذا !
لذلك ومن باب النصيحة اهمس في اذن ” اللكاش” وأقول له مخلصاً: ارفع العصابة السوداء عن عينيك، ومدد بصرك الى طول وعرض مساحات الحقيقة، كي ترى اشعة الحقيقة الساطعة كلها، وأخلع رداء الحقد، والبغيضة السياسية والتنافسية من جسدك المدجج بالكراهية ضد الآخر .
لا أخفي عليك ايها ” اللكاش”، فقد اضحكتنا أمس ببيانك – الفضيحة- رغم وجع التفجير ومصيبة الضحايا. وكلمة اخيرة ارميها على مسامعك:
العراقيون يا لكاش، كانوا ومازالوا أذكى مما تتصورهم انت، وأعلم مما تظنون، وقطعاً فإن” كلاواتكم ” اليوم باتت مكشوفة تماماً، بحيث لم يعد لها أي مجال للمرور والنفاذ، فالساحة مكشوفة، والمشهد مفتوح على كل الزوايا والرؤى، ولا نحتاج الى عدسة تكبير .
سنكتفي اليوم عند هذا الحد الرصين من التذكير والتأشير، لكننا سنتجاوز الخطوط الحمر في المرة القادمة معك، ومع امثالك الظالمين ان قلت كلاماً باطلاً مثل الذي قلته في بيانك التافه أمس !
اترك تعليقاً