ليس دفاعاً عن جهاز المخابرات إنما دفاع عن الحق والعدل ودماء المضحين
لم يعمل أي جهاز عراقي بكل هذا الصمت والهدوء والابتعاد عن الوقوع في فخ السجالات السياسية والامنية، كما يفعل جهاز المخابرات الوطني العراقي الذي يكثف جهوده العلمية الرصينة في بناء قاعدة معلوماتية امنية تسهم في تسوير الوطن، وقطع دابر المتأمرين والارهابيين وكل من يريد بهذا البلد شرًا.
لذا يواصل قادة هذا الجهاز ، العمل بصمت منقطع النظير، مترفعين عن الادعاء، أو على الاقل عرض منجزاتهم عبر وسائل الاعلام، ونعتقد ان هذه ميزة لم يستطع اي جهاز امني او معلوماتي بلوغها في ظل التزاحم الحالي على تحويل العمل الحكومي الى استعراضي من قبل بعض الجهات.
ولكن هذا الجهاز الوطني، يطبق المقولة المأثورة اصمت ودع عملك يتكلم، وبالفعل فقد تحدث عمل هذا الجهاز الذي سجل مأثرةً من المآثر النادرة في الحروب غير التقليدية، ولو سنحت الفرصة لباحث مختص بعد زمن، واطلع على ارشيف هذا الجهاز الوطني، لسجل لنا منهجًا اكاديميًا فريدًا سيتحول الى منهج تدرسه الدول لاجهزتها المماثلة، نظرًا لحجم البطولات والقصص التي سجلها ابناء الجهاز في تتبع الخلايا الداعشية، بل وتفكيك هياكل الدولة الداعشية المنهارة، هذا الجهاز الذي اخترق ابناؤه العمق الإرهابي في الموصل المحتلة والرقة السورية وغيرها من المدن، ونفذوا عمليات شهدت الصحافة الغربية بجرأتها وحسن تخطيطها ودقة تنفيذها.
نعم، ويشهد الله، ان اللحظة التي نكتب فيها الآن، هي لحظة عراقية خالصة، ولسنا بمعرض التمجيد او الثناء على احد، ولم يكلفنا شخص، قدر ما هي انتفاضة ضمير عراقي حر يريد ان يرد على كم السذاجة التي ابتلي بها البعض، وكم الخبث الذي ينفته بعض المغرضين ضد اجهزة العراق الوطنية المضحية التي نذر رجالها انفسهم فداءً للوطن واهله.
فيما تقفُ بعض الاقلام الوطنية اشبه بالعاجزة، فهذا الجهاز الوطني يأبى ان يساجل او يتحرك في مساحات الرد، فهو غير متهم، ولا حاجة له بالسجال، لكن الكثير من الوطنيين انبروا للرد، وايقاف الحملة الظالمة التي تطال قواتنا الامنية بسبب تصرفات نفر، او ادعاء نفر اخر صلته بهذه المؤسسة العسكرية او تلك.
اننا على يقين ان جهازنا الوطني هو مساحة من مساحات العراق الناصعة، وفضاء من فضاءات العدالة والاخلاص والعمل المهني المرتهن ولاءًا وانتماءًا للعراق وحده لا غير. وسيبقى ناذرًا نفسه لخدمة العراقيين جميعًا دون النظر الى خلفياتهم الطائفية او القومية او الاثنية.
أما أن يخفق منتسب هنا، أو يسلك منتسب آخر سلوكاً خاطئاً هناك، فهذا أمر طبيعي يحصل في كل المؤسسات الحكومية وغير الحكومية في دول العالم، بما في ذاك الأجهزة المخابراتية المتقدمة في الغرب، فالبشر ليسوا ملائكة، ولا معصومين عن الخطأ، وكل منحرف عن الطريق السليم يتحمل وزر انحرافه، ومن يخطئ يتحمل نتائج خطئه، ولا تتحملها مؤسسته، أو العاملون فيها.
اذا فمن الظلم ان نحمل شهداء الجهاز، وفرسانه المضحين، ورجاله الصامتين الصابرين إثم جنحة أو جناية يرتكبها فتى احمق، اوصلته الظروف الملتبسة، والمتداخلة في العراق الى هذا الجهاز.
الحساب ضروري، والمسيء يعاقب مهما كان موقعه، وحسبه، ونسبه، ولعل الأمر الذي يحسب لجهاز المخابرات في هذه القضية، أنه لم يتدخل او يتوسط لمصلحة أحد منتسبيه، بل على العكس من ذلك، فالمعلومات المؤكدة لدينا أن الجهاز أقام دعوى قضائية ضد المنتسب الموقوف لدى القضاء، وهذا دليل قاطع على نصاعة الموقف، وسلامة التوجه لدى قادة هذا الجهاز الوطني، فهل سيصمت المغرضون، ويكف الحاقدون عن استثمار ارباع الفرص الرخيصة ، والتوقف عن دس السم بالعسل؟
لقد انبرى موقعنا اليوم للدفاع عن موقف جهاز المخابرات الوطني أمام الذين ينتظرون الفرص السخيفة لينالوا من دماء شهدائه، لأننا ندرك ان هذا الجهاز لم يأت ليقول، إنما جاء ليعمل ويعمل، وعلى الأصوات الإعلامية والسياسية والبرلمانية الشريفة ان تتكفل بمهمة الدفاع عنه، لذلك تجدنا اليوم في قلب هذه المهمة الوطنية المشرفة، لأننا واثقون من ان هذا الجهاز هو جهاز الشعب، وليس جهاز برزان أو جهاز سبعاوي، وإن عمله محدد بحماية الوطن، وليس بحماية رأس النظام، كما كان في العهد السابق المدحور . وان عمل جهاز المخابرات اليوم هو السيف الوحيد الذي يذب عبره عن العراق كله، وليس عن طائفة معينة، او قومية محددة أو محافظة واحدة.
اترك تعليقاً