حمد ياسر الموسوي | الإثنين 16 نيسان 2018
تعاني المؤسسات الحكومية العراقية من مشكلات متعددة ومعقدة، من أهمها سوء الإدارة المالية، وهذا ما سبب تدني كفاءة المؤسسات الاقتصادية منها والخدمية، وسبب إعاقة للنمو والتطور، ما يثبت فشل الأساليب التقليدية التي اعتمدت في إدارة المؤسسات في العراق.
وحل هذه المشكلات لا يكمن في الشعارات وإنما بدراسة الأسباب الإدارية والسياسية والاجتماعية، والتي تتلخص في إساءة استخدام السلطة لتحقيق مكاسب خاصة، وتضخم الجهاز الإداري للدولة، ما يؤدي إلى تعقيد الإجراءات الإدارية وضعف التواصل مع المواطنين، إضافة إلى هدر موارد الدولة والمال العام. ومن خلال تحليل الأسباب، نجد أن الحل يكمن في تغيير الأنظمة الإدارية التقليدية ووضع أسس لنظام فعال لإدارة مؤسسات الدولة يساهم في شكل فاعل في تحقيق الشفافية ورفع كفاءة المؤسسات، وأن يكون متوافقاً مع الدستور والقانون ويجدد في شكل واضح توزيع المسؤوليات بين الهيئات المختصّة في مجال الرقابة والتنظيم والتطبيق ويضمن نشر المعلومات الصحيحة في توقيتها المناسب عن كل ما يتعلق بالمؤسسة ويؤمن قيادة استراتيجية للمؤسسة وتطوير الرقابة في شكل فعال.
وعند مراجعة معطيات الحل، يتوارد إلى الذهن المنهج الإداري الحديث، الحوكمة، والتي تعرف بأنها منهج الإدارة الذي يمنح المؤسسات العراقية إجراءات وسياسات تحدد الأسلوب الأمثل لتدار من خلاله العمليات بكل وضوح وسلاسة، لغرض مكافحة الفساد الذي صنع إشكالية للوضع الطبيعي للمؤسسات الإدارية وأدى إلى انحراف الأداء وأثر في التواصل التام مع سرعة ومرونة والشفافية في العمل.
تمثل «الحوكمة» جميع المبادئ التي نحتاج إليها لإصلاح المؤسسات العراقية ونظامها الإداري. ومن ركائز «الحوكمة» توفير الخدمة الإلكترونية مقدمة من جميع مؤسسات الحكومة للمواطنين بما يهدف إلى تبسيط إجراءات إنجاز التعاملات الرسمية بين الحكومة من جهة ومواطنيها على مستوى الأفراد والمنظمات والدوائر الحكومية الأخرى بشفافية عالية وبالاعتماد على البوابات الإلكترونية التفاعلية المؤمنة في شكل كامل، مع وجود إدارة إلكترونية متكاملة قائمة على نظام أرشيف إلكتروني، إضافة إلى نشر الوعي المعلوماتي لمجتمع مواطنيها وتكامل البنية الأساسية لتطبيقات تكنولوجيا المعلومات.
ما طرحته الحكومات السابقة هو عبارة عن خدمات إلكترونية حكومية منتشرة بطريقة عشوائية، ما أدى إلى مزيد من الإرهاق الإداري في جسم الحكومة بدلاً من أن يضفي عليها رونق الفاعلية والشفافية. من هنا، تأتي أهمية «حوكمة» الحكومة الإلكترونية كأداة فعالة من أجل التأكد من أن الخدمات الحكومية الإلكترونية سترفع بأداء الحكومة إلى مستويات أفضل.
هذا ما على السلطة التشريعية المقبلة أن تقوم به، والعمل على تفعيل مبدأ «الحوكمة» للارتقاء بالأداء الحكومي الشفاف وتسهيل إجراءات الرقابة. وذلك من خلال مراجعة القوانين والتعليمات الإدارية وتبني مشروع حقيقي لـ «حوكمة» المؤسسات العراقية وبناء نظام إداري متكامل يعتمد على التكنولوجيا الحديثة أسوة بالدول المتطورة، والتي تتسم بالشفافية.
* كاتب عراقي
اترك تعليقاً