ياقة الرئيس …..!!
سعد الأوسي
مواقع التواصل الاجتماعي تعج بالاف المنشورات والتعليقات بين ساخر وساخط ومستنكر ومتعجب، عما حدث اثناء الاستقبال الرسمي للرئيس التركي رجب طيب اردوغان مع رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي حين حاول الرئيس التركي بودّ واضح ترتيب ياقة قميص الرئيس الكاظمي اثناء الاستقبال الرسمي واستعراض حرس الشرف الذي نظّم احتفاءً به في زيارة رسمية مهمة لمصالح البلدين المشتركة سياسية والاقتصادية ولعلاقة الجوار الوثيقة بينهما حيث يشتركان بشريط حدودي طويل يمتد لاكثرمن 360 كم،
وبغض النظر عن ضجة الانتقاد المفتعلة الغاضبة أو الساخرة مما حدث، وددت لو توقفنا لحظة لمناقشة الامر بموضوعية ومنطق وواقعية بدل (الهيصة والزيطة والزمبليطة) التي ماتزال رحاها الطاحنة تدور وتدور في مواقع التواصل الاجتماعي حتى الآن.
ولنسأل التاريخ الحديث عن حوادث مشابهة لهذه او ربما اسوأ كي نحكم عما جرى بامانة وموضوعية.
وقبل ان اعود الى صفحات التاريخ ساعود لصفحة من ذاكرتي الشخصية جرت احداثها امام عيني واعين العراقيين جميعا عندما استقبل الرئيس العراقي في ذلك الوقت صدام حسين رئيسة سيريلانكا السيدة بندرنايكا وكانت ترتدي وقتها اللباس السيريلانكي التقليدي المعروف ب(الساري) وهو قطعة قماش حريرية كبيرة بالوان زاهية تُلفّ حول جسد المرأة كالفستان ويتدلى احد اطرافه ملفوفاً حول يدها. وقتها تعثرت الرئيسة بندرنايكا بطرف فستانها الساري وهي على منصة الشرف وسقطت بجوار الرئيس العراقي اثناء عزف السلامين الجمهوريين، احتار الرئيس وتحرج كثيرا في كيفية اسنادها ومساعدتها على الوقوف كونها امرأة واية (مسكة) قد تفسر بانها غير لائقة وتفتح شهية الاعلام ليشط وينط على هواه.
ومثل هذه السقطات الرئاسية والاخطاء البروتوكولية كثيرة الامثلة في تاريخ العلاقات والاستقبالات الرسمية، وسأسوق لكم بعضا منها. احداها مشابهة جدا لما حصل مع الرئيس الكاظمي امس لكنها لم تثر ضجة اعلامية وانتقادية كما حدث امس، بل اشير لها على انها واقعة طريفة ليست بغريبة على تصرفات الرئيس ترامب، وكان ذلك في مكتب الرئيس الامريكي بالبيت الابيض حين فاجأ ضيفه الرئيس الفرنسي ماكرون ومسح عن ياقة سترته امام الكاميرات بعض العوالق التي كانت عليها ثم علق مبتسماً : نريده ان يبدو كاملا !!!
وضحك الجميع على هذه الحركة والتعليق، ولكن لا احد من الصحفيين والمحللين السياسيين وصف تلك الحركة بانها اشارة من ترامب على تبعية فرنسا لامريكا، كما فعل العراقيون !!!!.
وحين استقبلت الرئيسة الالمانية ميركل رئيس الوزراء الايطالي برلسكوني الذي تجاهلها وتركها واقفة محرجة لوحدها امام الكاميرات بينما انشغل بمكالمة هاتفية طويلة!!!
وهو في استقبال رسمي وعلى السجاد الاحمر، لكن احدا لم يفسر تصرفه على انه رسالة تعبر عن تجاهل ايطاليا لالمانيا سياسياً أو اقتصاديا.
ولم تنقلب الدنيا حين نسي الرئيس الفرنسي ساركوزي ان المايكرفونات ماتزال مفتوحة وهو يغتاب الرئيس الاسرائيلي نتنياهو اثناء استقباله الرئيس الامريكي اوباما في قمة العشرين 2011 بقوله: نتنياهو كذاب وانا لا أحتمله”، ليرد عليه أوباما (( وانا سئمت منه اكثر منك لكنني مضطر للتعامل معه ))
تخيلوا مدى خطأ وحرج ذلك في البروتكول الدبلوماسي بين الدول لكن الاعلام العالمي حوله الى مزحة حين تحدث عنها وسرعان ما تجاهلها،.
وفي سياق الاخطاء البروتوكولية ذاته يمكن ان ندرج مافعله الرئيس الفرنسي هولاند اثناء استعراض حرس الشرف مع الرئيسة ميركل اثناء زيارته الرسمية الاولى لالمانيا ، حيث بدا تائها كالاطفال لايعرف ماذا يفعل ولا اين يذهب، واستعرض الحرس بمسار معكوس مما اضطر ميركل ان تسحبه من يده وتعدل مساره. وكذلك ماحصل للرئيس المصري محمد مرسي اثناء زيارته للصين حيث سار بشكل معكوس ايضا في استعراض حرس الشرف ، بل زاد الامر سوءاً بعد ذلك بانشغاله في تعديل بدلته وهندامه اثناء عزف السلام الجمهوري الصيني والذي يفترض به ان يكون واقفا في حالة الثبات (الاستعداد) احتراما له.
والامثلة في هذا الصدد اكثر من ان استعرضها في مقال، ولكنها جميعا تؤكد دلالة واحدة وهي ان مثل هذه الاخطاء البروتكولية يمكن ان تحدث في كل مكان وزمان ومع اي رئيس او مسؤول دون ان تحمل دلالات وتأويلات وضجيجاً اعلامياً ، لان الرؤساء بشر ويمكن ان يخطئوا او يرتبكوا او يتعثروا او يلحنوا في الكلام دون اي تأويل او تنكيل او سوء تفسير.
وبالعودة لما حدث للرئيس الكاظمي مع الرئيس اردوغان امس فذلك ابسط بكثير من الحالات والامثلة السابقة، لان بروز ياقة القميص من الجاكيت امر شائع الحدوث بيننا جميعا بسبب الحركة والمسير وركوب السيارة او الترجل منها ورفع اليد او الالتفات بشدة، وهو بالتأكيد ليس دليلا على عدم الاناقة او (الرعبله) كما يسميها العراقيون، فالرئيس الكاظمي بقامته الرياضية الممشوقة واختياره الدقيق لملابسه رجل واضح الاناقة رفيع الذوق كما رأيناه في جميع حالاته على شاشات التلفزيون او في صوره الفوتغرافية التي تتداولها الصحافة والمواقع الالكترونية. ولو سألنا انفسنا سؤالا موضوعيا منصفا ووضعنا انفسنا مكان الرئيس الكاظمي في تلك اللحظة التي فاجأه فيها الرئيس التركي اردوغان بلمسة ابوية ودودة واضحة ومحاولته تعديل ياقة القميص التي برزت خارج الجاكيت، ترى ماذا كنا سنفعل ؟؟؟
هل كان على الكاظمي ان يمسك بيد الرئيس اردوغان ويدفعها بعيدا عنه ويقول له : ما اسمحلك !!!!!
يا جماعة ارحمونا من فذلكاتكم وتذاكيكم وانتقاداتكم الكثيرة بمناسبة وبدون مناسبة، دعوا الرجل يرى طريقه وينتبه لعمله، ولا تنشغلوا بياقته بل برؤيته وخطته ومساره لاصلاح خراب الدولة الهائل الذي ورثه.
واذا لم يكن قد تحقق من زيارته هذه للرئيس اردوغان سوى اتفاق رفع تأشيرة الدخول (الفيزا) بين البلدين وتعظيم التعاون التجاري والاقتصادي ودعم العراق في ازمته وحل مشاكل الحصص المائية المشتركة، فهذا كثير بل كثير جدا من زيارة سريعة لم تطل سوى يوم وليلة واحدة فقط.
ولعنة الله على الياخة وعلى كل من خبص الدنيا بيها (حاشاكم طبعا)
الحقيقة هسه يللا افتهمت معنى المثل عرب وين وطنبورة وين
احترگ ابو طنبورة…..!!
اترك تعليقاً