هل أجازت المحكمة الاتحادية مناقشة مقترحات القوانين في مجلس النواب قبل عرضها على مجلس الوزراء ؟!
بقلم أياد السماوي
نقلت وسائل الإعلام المحلية يوم أمس تصريحا لزعيم تحالف الفتح هادي العامري ( أنّ المحكمة الاتحادية العليا قد أجازت تقديم مقترحات القوانين داخل مجلس النواب ) ويبدو من خلال التصريح المذكور أنّ السيد هادي العامري أراد من خلال هذا التصريح أن يقول أنّ تقديم مقترح القانون من قبل مجلس النواب لا يعني مناقشته وإقراره من قبل المجلس قبل أن يتحوّل إلى مشروع قانون مرسل من السلطة التنفيذية , فهنالك فرق كبير بين مفهومي مشروعات القوانين ومقترحات القوانين اللذان وردا في المادة ( 60 / أولا و ثانيا ) .. ففي الوقت الذي يناقش فيه مجلس النواب العراقي مقترح ( قانون الأمن الغذائي والتنمية ) لا بدّ لنا أن نقف على حقيقة هل أجازت المحكمة الاتحادية العليا مناقشة مقترحات القوانين في مجلس النواب وإقرارها قبل أن تتحوّل هذه المقترحات إلى مشروعات للقوانين ؟ وما هو الموقف الدستوري الذي تبّنته المحكمة الاتحادية العليا في تفسير معنى مشروع القانون ومقترح القانون ؟ ..
فمن خلال استقراء نصوص الدستور العراقي نجد أنّه قد تبّنى في المادة (47) مبدأ الفصل بين السلطات حيث نصت هذه المادة ( تتكون السلطات الاتحادية , من السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية تمارس اختصاصاتها ومهماتها على أساس مبدأ الفصل بين السلطات ) وأنّ مشروعات القوانين التي وردت في المادة ( 60 / أولا ) قد خصّ بتقديمها السلطة التنفيذية حصرا , وألزم أن تقدّم هذه المشروعات من جهات ذات اختصاص في السلطة التنفيذية لتعلّقها بالتزامات مالية وسياسية ودوليّة واجتماعية , والذي يقوم بإيفاء هذه الالتزامات هي السلطة التنفيذية وذلك حسب ما نصّ عليه الدستور في المادة (80) وليس السلطة التشريعية , وأنّ الدستور قد رسم في المادة (60 / أولا ) منفذين تقدّم من خلالهما مشروعات القوانين , هذان المنفذان يعودان حصرا للسلطة التنفيذية وهما رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء , وإذا ما قدّمت من غيرهما فإنّ ذلك يعدّ مخالفة دستورية لنص المادة ( 60 / أولا ) .. كما أنّ المادة ( 60 / ثانيا ) قد أجازت لمجلس النواب تقديم مقترحات القوانين عن طريق عشرة من أعضاء مجلس النواب أو من إحدى لجانه المختصّة , ومقترح القانون لا يعني مشروع القانون , لأنّ المقترح هو فكرّة والفكرّة لا تكون مشروعا قبل أن يأخذ المقترح طريقه إلى أحد المنفذين المشار إليهما لإعداد مشروع القانون وفق ما رسمته القوانين والتشريعات النافذة إذا ما وافق ذلك سياسة السلطة التنفيذية التي أقرّها مجلس النواب .. هكذا فسرّت المحكمة الاتحادية العليا المختصّة حصرا في تفسير نصوص الدستور معنى كلّ من مشروع القانون ومقترح القانون , كما جاء ذلك في قرارها المرّقم ( 44 / اتحادية / 2010 ) .. وبالتالي فإنّ المناقشات الجارية في مجلس النواب العراقي لمقترح قانون ( الأمن الغذائي والتنمية ) وقراءته قراءة أولى وثانية قبل إرساله إلى مجلس الوزراء المعني حصرا بتحويله إلى مشروع قانون بعد دراسته في لجانه المختصّة والتصويت عليه في مجلس الوزراء , ليس مخالفا للدستور فحسب , بل مخالفا لقرار المحكمة المرّقم ( 97 / اتحادية / 2022 ) وعليه فإنّ ما يجري من مناقشات داخل مجلس النواب حول مقترح قانون ( الأمن الغذائي والتنمية ) غير دستورية ولا يحقّ لمجلس النواب مناقشة هكذا مقترحات قبل أن تتحوّل إلى مشروعات للقوانين داخل مطبخ مجلس الوزراء .. وهذا ما أراد توضيحه السيد هادي العامري وليس العكس ..
اترك تعليقاً